نقابة الأشراف في الدولة العثمانية

نقابة الأشراف في الدولة العثمانية/تأليف مراد صاريجك ترجمة سهيل صابان
من مقدمة المترجم
هذا الكتاب في الأصل رسالة أكاديمية، حصل بها مؤلفها درجة الدكتوراه من معهد العلوم الاجتماعية بجامعة آتاتورك في مدينة أرضروم التركية عام 1989م.
يقع الكتاب باللغة التركية في 194 صفحة من القطع المتوسط، مع 36 صفحة ملاحق للبحث. وقد صدر عام 2003م عن مجمع التاريخ التركي بأنقره، الرقم 19 من سلسلة إصدارته الثامنة .
وقد لفت الموضوع انتباه المترجم، لما سمعت بإعداد الباحث الدكتور مراد صاريجك له. وهو أستاذ التاريخ الحديث في جامع سليمان دميريل بإسبارطه. فقمت بالحصول على رقم هاتفه، فتحدثت إليه عام 2000م من إستانبول، وباركت له عمله المتميز؛ وذلك بسبب أنه يسد فجوة كبيرة في المكتبة التاريخية الحديثة، ولا سيما أن كثيراً من الباحثين عن أنسابهم من السادة والأشراف في الجزيرة العربية كانوا يطلبون مني معلومات من الأرشيف العثماني، موضحة للمعلومات الموجودة بين أيديهم، فأبحث في فهارس الأرشيف كلما أتوجه إلى إستانبول ولا أصل إلى نتيجة. وأسأل المتخصصين في الأرشيف، فلا يعرفون من مكامن البحث فيه إلا معلومات قليلة. فجاء هذا الكتاب الذي أعدّه ثمرة جهود كبيرة بذلها الباحث في الأرشيف العثماني والمصادر العثمانية والتركية. فله الشكر أولاً على الاهتمام بهذا الموضوع، ونيل رسالة علمية فيه. وله الشكر ثانياً؛ لرحابة صدره في تقديم الإذن لي بترجمته إلى اللغة العربية. وفقه الله لأبحاث أخرى قيمة، تكمّل ما بدأ به في هذا الموضوع المتميز.
وبعد مرور عدة سنوات علمت أن تلك الرسالة المهمة قد صدرت في كتاب. فحصلت على صورة منه؛ بغية قراءته أولاً والاستفادة من مضمونه ثانياً. ولا سيما أنه دراسة مهمة لمن يود معرفة تعامل الدولة العثمانية مع السادة والأشراف، وبخاصة طلاب الدراسات العليا، ممن يريد الحصول على معلومات توثيقية من الأرشيف العثماني على وجه الخصوص، وسرد المعلومات الواردة عن السادة والأشراف في سجلات خاصة بالأشراف؛ إذ إن هذا الكتاب يعدّ مفتاحاً لمن يريد التوسع في هذا الموضوع الذي لم يأخذ حقه من البحث والدراسة، وكيفية الوصول إلى المعلومات فيه ، لا في العالم العربي فحسب؛ بل حتى في الدراسات التركية المعاصرة أيضاً.
ومن أهمية هذا الكتاب أيضاً وجود كثير من التوضيحات عن المصطلحات العثمانية الواردة في الكتاب، وكذلك اشتماله على شروح مفصلة فيما يخص تصنيفات الأرشيف العثماني وسجلاته، وبيانه لكثير من الأمور المتعلقة بالبيروقراطية المتبعة في الدولة العثمانية في مختلف العصور. وهذه المعلومات الثانوية التي تأتي عرضاً في ثنايا الكتاب، مفيدة جداً للباحثين المتخصصين الذين يصعب عليهم الوصول إلى معرفتها بين دفتي كتاب.
والحقيقة إنني وجدت معلومات كثيرة عن نقابة الأشراف في هذا الكتاب، لم يكن لديّ فكرة عنها من قبل، ولا سيما ما يخص منها بما يحويه الأرشيف العثماني من معلومات كثيرة عن تعامل الدولة العثمانية مع السادة والأشراف. واستفدت منه أثناء الترجمة فائدة كبيرة قبل أن أقدمها لخدمة الباحثين والمهتمين بهذا الموضوع.
وقد تقيدت بإدراج المصادر والمراجع التركية، كما أوردها المؤلف. ولم أترجمها إلى اللغة العربية؛ حتى لا يظن أنها بهذه اللغة. أما المصادر العربية التي استفاد منها المؤلف والتي أوردها باللغة التركية، فقد رجعناها إلى أصلها العربي؛ وذلك تسهيلاً على من يود الرجوع إليها أو الاستفادة منها.
وقد وجد المترجم بعض الأخطاء؛ سواء في عزو بعض الآيات، أو في إيراد بعض التواريخ، فصححتُها، كما وجدتُ عدم انتهاج المؤلف لمسلك واحد في استخدام التواريخ، حيث كان يستخدم في بعض الأحيان التاريخ الهجري وحده، وفي أحيان أخرى التاريخ الميلادي وحده، فعملتُ على اتباع منهج واحد في كل الكتاب باستخدام التاريخين، كما هو المنهج العام العلمي. كما وجد المترجم تكراراً لبعض المعلومات الواردة في الكتاب في عدة مباحث. وقد أوردها المؤلف لمناسبتها لكل مبحث. فأدرجتها كما هي دون الإشارة إلى أن تلك المعلومات قد تكررت؛ وذلك حفاظاً على أصل الكتاب.
حاولت بقدر الإمكان التقيد بالمصطلحات التي استخدمها المؤلف؛ إذا استخدم لفظ السادة تقيدت به، وإذا استخدم لفظ الشريف تقيدت به كذلك. ومعلوم أن السيد في المصطلح الدارج يطلق على الحسيني من ذرية النبي – صلى الله عليه وسلم -، وأن الشريف يطلق على الحسني من تلك الذرية المباركة.
وفي نهاية هذه الكلمة المختصرة لا يسعني إلا أن أشكر المؤلف الدكتور مراد صاريجك، على اختياره لهذا الموضوع، وتخصصه فيه، كما أشكر الزميلين الكريمين: الشيخ صالح الحويس والأستاذ الدكتور عدنان الحارثي على اهتمامهما بطبع الكتاب وسعيهما في ذلك، والشكر موصول لصاحب دار النشر الأستاذ محمود حجاج على القيام بنشر الكتاب فور سماعه بانتهائي من الترجمة؛ لتعم الفائدة لقرائها.