القدوم المبارك لمنطقة الونشريس

كان قدوم سيدي عبد الرحمان الشريف في أواخر القرن السابع عشر (17) من المغرب الاقصى فالغرب الجزائري إلى الوصول إلى جبل الونشريس فكان القرار والاستقرار وانتشار الذرية الطيبة التي قبلها السكان المحليون بالترحاب وهم قبائل بني بوعتاب وبني جرتن وبني بوخنوس، فعملوا على نشر الثقافة الإسلامية عن طريق التصوف وبناء الزوايا وتعليم القرآن والفقه وثقافة الدفاع عن الأوطان والموت في سبيل الله . أما أسباب الهجرة فهي الاوضاع المزرية والفتن والاضطرابات التي كانت سائدة بالمغرب الاقصى والتي سببت هجرة الكثير من الناس.
هل كل الأشراف قدموا من المغرب إلى الجزائر وفي القرن السابع عشر فقط أم كان بعض الأشراف موجودين من قبل بالجزائر؟ والجواب أن وجود الأشراف قديم جدا حيث كان منذ استلام إمارة تلمسان من طرف سيدي محمد بن سليمان (ابن أخ مولاي إدريس الأكبر) الذي تولاها في عهد مولاي إدريس ثم ذريته من بعده، فمعظم أشراف الجزائر كانوا سليمانيون وانتشروا في ربوع الجزائر من تلمسان إلى منطقة القبائل وجبال جرجرة، هذا قبل هجرة الأدارسة فيما بعد وبعد سقوط دولتهم بالمغرب الاقصى. كذلك في مراحل تاريخية كان المغرب الكبير دولة موحدة في عهد الدولة الفاطمية والمرابطية والموحدية كان التنقل والهجرات ورد الغزاة من وإلى المغرب الاقصى والمناطق الاخرى بل حتى الاندلسية بكل سهولة وبدون حدود ولا إذن من أحد. وخاصة طلبة العلم كانوا يتنقلون إلى عواصم الدول المختلفة والمتعاقبة ومن هذه العواصم كانت فاس ومكناس ومراكش وتلمسان ومازونة وبجاية والقيروان وشنقيط وتنبوكتو بل حتى قرطبة والقاهرة وبغداد والنجف وقم ودمشق واسطنبول فيما بعد.
وكانت الهجرات إما قصرية بسبب الاضطرابات والفتن والحروب الداخلية أو الغزوات الاجنبية وبسبب الولاءات السياسية والمذهبية أو هجرات إرادية بسبب طلب العلم والعمل والاستقرار. إلا أن معظم الهجرات البشرية الجماعية تكون قصرية وبسبب الاضطرابات والفتن الداخلية والحروب الأهلية مثل ما حدث في المرغب الاقصى أيام الدولة المرينية في حرب الإثني عشر سنة ما بين (1372-1384) والسبع سنين ما بين (1465-1472) وأيام الحروب الدائرة بين الاخوة الاعداء في صراع الأمراء على السلطة والأمراء والوزراء، مثل ما وقع بين المرينيين والوطاسيين وما بين الزيانيين فيما بينهم وما بين الحفضيين فيما بينهم في صراعاتهم على الكرسي والنفوذ مما سبب التدخل الاجنبي الاسباني والغربي المسيحي بشكل عام مما أدى إلى احتلال الكثير من البلدان المغاربية والسواحل المتوسطية الجنوبية وخاصة بعد سقوط الاندلس وتهجير أهله القصوي إلى بلدان المغرب الكبير. فالاشراف موجودون اليوم في كل أرجاء العالم بل وصلوا إلى الصين وأقاموا دولة هناك، أما الأدارسة فموجودون اليوم في الحجاز والشام (فلسطين وسوريا) ومصر (منهم عائلة الكاتب الكبير عباس محمود العقاد) واسبانيا والبرتغال ومالطا، وبما أن الأدارسة ارتبطوا بأخوالهم الأمازيغ وأخذوا لغتهم فأينما وجدت لغة أمازيغية وجد أدارسة. بل وصل الحال إلى درجة أن لا تفرق بين أمازيغي وإدريسي في التقاليد والعادات إلا أن أن الأشراف المرابطين يميزون عن غيرهم بحفاظهم على شجرة نسبهم الشريف وعدم تزويجهم بناتهم لغير الاشراف ولذا يسمون كل أمازيغي وعربي بخالي (يا خالي ) ..