بين الهداة الدعاة والغزاة الجباة

هل انتشر في الارض الاشراف كغزاة جباة أم كدعاة هداة ؟ بعد تعرض الإسلام كدين سماوي موحد ووحدي انساني عقلاني واقعي تعرض إلى تشويه ولبس غطائه أناس وتسمو باسمه لكنهم لم يسموا إلى رفعته وسموه، فكان أن اتهم هذا الدين ومن جاء به بالكراهية للآخر والوحشية في معاملاته فاتهم الاسلام بأنهم انتشر في ربوع الارض بالدماء والقتل والسلب والجلد فقالوا لقد انتشر الاسلام بالسيف والاكراه وليس الدعوة والاقناع. ولذا كان لابد من الاجابة عن هل الاشراف كانوا دعاة هداه أم غزاة جباة؟ والحقيقة التاريخية والواقعية أن الأشراف والأدارسة خاصة لم يدخلوا شمال افريقيا بالقوة والسيف والسلب والنهب والقتل للمغاربة وأنهم لم يدخلوا مع الغزاة (الفاتحين) بل كانوا هم ضحايا أولئك الغزاة في أرض أجدادهم الحجاز والعراق، فتعرضوا للقتل والتشريد والتطريد كما قال المولى إدريس في خطبته الشهيرة للمغاربة، ووقعت ضدهم مجازر وجرائم يندى لها الجبين وهم من هم، ذرية النبيين بل آخر وخاتم النبيين والمرسلين إلى العالمين.
فالأشراف لا يؤمنون بالغزو ونشر دينهم بالقوة والسيف بل بالدعوة والمحبة والسلام مصداقا لقولته تعالى ووصايا الرسول وآل بيته الأطهار ،يؤمنون بقوله تعالى : ( وادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) وقوله ( لست عليهم بمسيطر إلا من تولى وكفر فيعذبه الله – وليس أنت واتباعك- العذاب الأكبر) وقوله لموسى لما أرسله إلى من ادعى الألوهية وطغى في الأرض ( فقل له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى) وقوله ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) وقوله لنبيه محمد موضحا له دوره في الاسلام ( فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب) فهذا وغيره الذي تمسك به الأشراف عبر تاريخهم الطويل ولم يكونوا يؤيدون الغزو والسلب لبلدان الناس ولا عقولهم. فلقد كان ومازال ساداتنا أهل البيت منهجهم التربية وتزكية الأرواح والعقول فنشروا التصوف والزهد مقابل سلاطين الظلم والطغيان فأنشؤوا المدارس الروحية والطرق الصوفية والزوايا ونشروا الدين في اقاصي واطراف وأواسط افريقيا وآسيا وهم يحملون شجرة نسبهم وكتاب ربهم وعصا يتكئون عليها ولهم فيها مآرب أخرى. ولمعرفة سيرهم وتاريخهم المجيد يجب التعرف على من أدخل الاسلام ونشره في الصين والهند والسند وإلى افريقيا شمالها وجنوبها ووسطها، وبأي وسيلة، هل بالدعوة أم الغزوة، هل بالسيف أم بالفكرة ؟