ومن حقوقهم أيضا التي سبق بعض الكلام عنها: محبتهم وتوليهم ونصرتهم، روى الحاكم بإسناده إلى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
والذي نفسي بيده لا يبغضُنا أهلَ البيت أحدٌ إلا أدخلَه اللهُ النارَ) .وعن عائشة قالت : أتى العباس بن عبد المطلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله إنا لنعرف الضغائن فى أناس من وقائع أوقعناها. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أما والله إنهم لا يبلغون خيرا حتى يحبوكم لقرابتى)، وقال صلى الله عليه وسلم: (أما إن الإيمان لا يدخل أجوافهم حتى يحبوكم لى) . و قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَنْ يُصِيبُوا خَيْرًا حَتَّى يُحِبُّوكُمْ لِلَّهِ وَلِقَرَابَتِي , أتَرْجُو سَلْهَبٌ شَفَاعَتِي , وَلا يَرْجُوهَا بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يبلغوا الخير حتى يحبوكم لله ولقرابتي)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ حِسَانٍ أَنَّهُ قَالَ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ : ( وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يُحِبُّوكُمْ مِنْ أَجْلِي )"
وقال شيخ الإسلام في العقيدة الواسطية عن أهل السنة: (ويحبون أهل بيت رسول الله ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه و سلم حيث قال يوم غدير خم : (أذكّرُكم اللهَ في أهل بيتي) وقال أيضا للعباس عمه وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم فقال : (والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي)، وقال : (إن الله اصطفى بني إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم ) ).
وقال شيخ الإسلام أيضا وقد سئل: (فَمَا تُحِبُّونَ أَهْلَ الْبَيْتِ ؟ قُلْت : مَحَبَّتُهُمْ عِنْدَنَا فَرْضٌ وَاجِبٌ يُؤْجَرُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عِنْدَنَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَم { قَالَ : خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَدِيرِ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَقَالَ : ( أَيُّهَا النَّاسُ إنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ الثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اللَّهِ" فَذَكَرَ كِتَابَ اللَّهِ وَحَضَّ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : "وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي). )
وقال الإمام ابن عبد الوهاب رحمه الله : (والواجب على الكل منا ومنكم أنه يقصد بعلمه وجه الله ونصر رسوله، كما قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ … (81)} فإذا كان سبحانه قد أخذ الميثاق على الأنبياء إن أدركوا محمداً صلى الله عليه و سلم على الإيمان به ونصرته فكيف بنا بأمته، فلا بد من الإيمان به ولا بد من نصرته، لا يكفي أحدهما عن الآخر، وأحق الناس بذلك وأولاهم به أهل البيت الذي بعثه الله منهم وشرفهم على أهل الأرض، وأحق أهل البيت بذلك من كان من ذريته صلى الله عليه و سلم، والسلام.
وقال القرطبي: وهذه الوصية وهذا التأكيد العظيم يقتضي وجوب احترام أهله وإبرارهم وتوقيرهم ومحبتهم وجوب الفروض المؤكدة التي لا عذر لأحد في التخلف عنها، هذا مع ما علم من خصوصيتهم بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبأنهم جزء منه، فإنهم أصوله التي نشأ عنها وفروعه التي نشؤوا عنه، كما قال : (فاطمة بضعة مني) وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يبغضُنا أهلَ البيتِ أحدٌ إلا أدخله اللهُ النارَ) .أ.هـ
وقد روى البخاري بإسناده إلى أبي بكر رضي الله عنه أنه قال: ( ارْقُبُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ) وقال البيهقي: "ودخل في جملة محبته صلى الله عليه وسلم حبُّ آله".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه لقي الحسن بن علي رضي الله عنهما فقال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبّل بطنك، فاكشف الموضع الذي قبّله حتى أقبله. قال : وكشف الحسن فقبله.
وأتى زينُ العابدين ابنَ العباس فقال له: مرحبًا بالحبيب ابن الحبيب. ودخلَتِ فاطمة بنت عليّ على عمر بن
عبد العزيز وهو أمير مكة، فبالغ في إكرامها وقال: واللهِ ما على ظهر الأرض أهلُ بيت أحب إليّ منكم، ولأنتم أحب إليّ من أهلي.
قال الآجري رحمه الله: "واجب على كل المسلمين محبة أهل بيت رسول الله ، وإكرامهم واحتمالهم، وحسن مداراتهم، والصبر عليهم، والدعاء لهم".
(فالواجب نحو أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم: [محبتهم وتوليهم، وإكرامهم لله ولقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولإسلامهم وسبقهم وحسن بلائهم في نصرة دين الله، وغير ذلك من فضائلهم، فاحترامهم ومحبتهم والبر بهم من توقيره صلى الله عليه وسلم واحترامه، وامتثالا لما جاء في الكتاب والسنة من الحث على ذلك، قال تعالى: { قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}.])
وعن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن الثقة أنه قال كان العباس بن عبد المطلب إذا مر بعمر بن الخطاب أو بعثمان بن عفان وهما راكبان نزلا حتى يجاوزهما إجلالا لعم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمشي وهما راكبان.
وإن من أبلغ الرد على الروافض، وأحسمه وأخصره ويغني عن كثير من الكلام، وهو الرد عليهم بقوله سبحانه: {إن شانئك هو الأبتر}، وشانئ آل بيته شانئ له، فهل كان أبو بكر أبتر أو كان عمر أبتر ، وقد سادت دولته الأمم؟ ومن إعجاز هذه الآية أن الفرقة التي انقرضت من الفرق المخالفة لأهل السنة هي فرقة النواصب؛ ذلك لأن شانئ أهل بيته شانئ له صلى الله عليه وسلم فيكون أبتر، وعلى قدر اهتمام العبد بآل البيت وحبهم له يكون بعيدا عن هذا الوعيد إن شاء الله